کد مطلب:286781 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:246

فی ذکر مخرجیه و التعریف بحال رواته
فنقول وبالله تعالی التوفیق:

أخرج ابن ماجة فی سننه، قال: حدّثنا یونس بن عبـد الاَعلی، حدّثنا محمّـد بن إدریس الشافعیّ، حدّثنی محمّـد بن خالد الجَنَدی، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال: لا یزداد الاَمر إلاّ شدّة، ولا الدنیا إلاّ إدباراً، ولا الناس إلاّ شُحّاً، ولا تقوم الساعة إلاّ علی شرار الناس، ولا المهدیّ إلاّ عیسی بن مریم [1] .

وفی روایة الحاكم: «ولا الدین» بدل «ولا الدنیا» ولا مهدی إلاّ عیسی ابن مریم.. [2] .

قال الحاكم فی المستدرك: فذكرتُ ما انتهی إلیَّ من علّة هذا الحدیث تعجّباً لا محتجّاً به فی المستدرك علی الشیخین [3] .



[ صفحه 4]



وقد أخرجه ابن مندة فی فوائده، والقضاعی فی مسند الشهاب [4] ، وأبو یوسف المیانجی من طریق ابن خزیمة وابن أبی حاتم وزكریّا الساجی بطریقهم عن یونس بن عبـد الاَعلی [5] .

والكلام علیه یقع تارةً فی متن الحدیث، وأُخری فی إسناده.

أمّا متنه:

فإنّه ورد من غیر طریق محمّـد بن خالد الجَنَدی، مجرّداً عن هذه الزیادة المنكَرة، فقد أخرجه الطبرانی والحاكم فی المستدرك [6] ، كلاهما من طریق مبارك بن سحیـم، حدّثنا عبـد العزیز بن صهیب، عن أنس بن مالـك، قـال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: «لـن یزداد الزمان إلاّ شدّة، ولا یزداد الناس إلاّ شُحّاً، ولا تقوم الساعة إلاّ علی شرار الناس» [7] .

وهذا اللفظ لم تذكر فیه تلك الزیادة المنكَرة الباطلة التی یدركها كلّ عاقل بالبداهة، فدلّ علی أنّها من صنیع الجَنَدی [8] .

قال الاِمام المحدّث أبو الفیض أحمد بن محمّـد بن الصدّیق الحسنیّ



[ صفحه 5]



الغُماریّ المغربیّ فی كتابیه إبراز الوهم المكنون و فتح الوهّاب [9] وتلك عادته، فقد زاد أیضاً زیادةً باطلةً فی حدیثٍ صحیحٍ متّفق علیه، وذلك ممّا یدلّ علی القطع بكذبه، فقد ذكر ابن عبـد البرّ فی ترجمة یزید بن عبد الهاد من التمهید: أنّ محمّـد بن خالد الجَنَدیّ هذا روی عن المثنّی بن الصباح، عن عمرو بن شعیب، عن أبیه، عن جدّه مرفوعاً: تُعمل الرحال إلی أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدی، ومسجد الاَقصی، ومسجد الجَنَد.

قال ابن عبـد البرّ ـ عقب ذكر الحدیث ـ: محمّـد بن خالد متروك، والحدیث لا یثبت.

قال المحقّق الغُماری: یعنی بهذه الزیادة التی زادها هذا الدجّال (محمّـد بن خالد الجَنَدی) من إعمال الرحلة إلی مسجد بلده الجَنَد.

وأمّا إسناده:

ففیه: یونس بن عبـد الاَعلی الصَدَفی.

وقد طعن الناس فیه مع كونه من رجال مسلم وابن ماجة والنسائی بسبب تفرّده بهذا الحدیث عن الشافعی.

فأورده الذهبیّ فی الضعفاء وقال: وثّقه أبو حاتم وغیره ونعتوه بالحفظ إلاّ أنّه تفرّد عن الشافعی بذاك الحدیث «لا مهدیّ إلاّ عیسی بن مریم» وهو منكر جدّاً [10] .



[ صفحه 6]



وقال أیضاً فی تذكرة الحفّاظ ـ بعد نقل توثیقه ـ: قلت: له حدیث منكر عن الشافعیّ [11] ، ثمّ ساقه بإسناده.

وقال الحافظ ابن حجر فی تهذیب التهذیب [12] : قال مسلمة بن قاسـم: كـان حافظاً، وقد أنـكروا علیه تفرّده بروایته عن الشـافعیّ حدیث «لا مهدیّ إلاّ عیسی بن مریم» أخرجه ابن ماجة عنه [13] ، وكذا الذهبیّ یدّعی أنّ یونس دلّسه [14] .

وذكر الحلوانی فی رسائله الخمس عن بعضهم: أنّه رأی الشافعی فی المنام وهو یقول: كذب علیَّ یونس بن عبد الاَعلی، لیس هذا من حدیثی [15] .

وفی إسناده أیضاً: محمّـد بن خالد الجَنَدی، وقد رموه بنكارة الحدیث وضعفه.

قال الحافظ شمس الدین الذهبیّ بترجمته فی میزان الاعتدال: قال الاَزدی: منكر الحدیث. [16] انتهی.

وقال الحاكم وأبو حاتم وأبو الحسین الآبری وابن الصلاح فی أمالیه والحافظ فی التقریب: مجهول [17] .



[ صفحه 7]



وقال ابن عبـد البرّ: متروك.

وقال ابن تیمیّة: لا یحتجّ به.

وحكی الاِمام الحافظ الكنجی فی البیان عن الشافعی أنّه قال: كان فیه تساهل فی الحدیث.

قال: وقد ذكر الشافعیّ فی كتاب الرسالة ـ وكتابه أصل ـ قال: اتّفقوا علی أنّ الحدیث لا یقبل إذا كان الراوی معروفاً بالتساهل فی روایته. [18] انتهی.

فظهر بذلك أنّ ما ذكره الحافظ عماد الدین ابن كثیر فی النهایة [19] من كونه شیخ الشافعی، وأنّه لیس بمجهولٍ ـ كما زعم الحاكم ـ بل قد حُكی عن ابن معین أنّه ثقة؛ لیس بشیء، لاَنّهم قد ردّوا علی ابن معین توثیقه، ولم یقبلوه منه.

قال الآبری: وإنْ وثّقه یحیی فهو غیر معروف عند أهل الصناعة من أهل العلـم والنقـل، وقد اختلفوا فی إسناد حدیثـه هذا ـ كما ذكره المحقّق ابن الصدّیق فی الردّ علی ابن خلدون ـ.

ومن المعلوم المقرّر فی محلّه أنّ الجرح مقدّم علی التعدیل، ومَن جرحه قد ذكر سبب جرحه ـ وهو مخالفته وانفراده بما عارض القطعی، مع جهالته ـ، ولم یأتِ ابن معین ـ مع انفراده بتوثیقه ـ بما یثبت عدالته، ولا بما یرفع جهالته، فقول من جرحه مقدّم علی جمیع الاَقوال ـ كما أفاده المحقّق المذكور ـ.



[ صفحه 8]



هذا، مع شهادة الاَئمّة بجهالته وسقوطه ونكارة حدیثه، بل جزم فی إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون بأنّه: كذّاب وضّاع.

قلت:

وناهیك بكلام هذا الاِمام المتتبّع الخرّیت المتضلّع فی معرفة الاَحادیث وطرقها قولاً فصلاً وحُكْماً جزماً، والله یؤتی الحكمة من یشاء.

وفی إسناده أیضاً: أبان بن صالح بن عمیر بن عبید القرشی، مولاهم.

قال ابن عبـد البرّ فی التمهید: أبان بن صالح ضعیف.

وقال ابن حزم فی المحلّی: أبان لیس بالمشهور ـ كما بترجمته فی تهذیب التهذیب ـ.

وقال العظیم آبادی فی عون المعبود: متروك الحدیث [20] .

قلت:

وسیأتی فی كلام الحافظ الذهبی بیان الانقطاع بین یونس بن عبـدالاَعلی وبین الشافعیّ، وكذا بین أبان بن صالح وبین الحسن.

علی أنّه اختلف علیه ـ أعنی الجَنَدی ـ فی حدیث الترجمة، فتارةً



[ صفحه 9]



جعله عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس كما تقدّم.

وتارةً جعله عن أبان بن أبی عیّاش، عن الحسن مرسلاً.

قال الحاكم [21] .

: قال صامت بن معاذ: عدلتُ إلی الجَنَد ـ مسیرة یومین من صنعاء ـ فدخلت علی محدّث لهم فطلبت هذا الحدیث فوجدته عنده، عن محمّـد بن خالد الجَنَدی، عن أبان بن أبی عیّاش، عن الحسن، عن النبیّ صلی الله علیه وآله وسلم، مثله.

قال البیهقی: فرجع الحدیث إلی محمّـد بن خالد الجَنَدی ـ وهو مجهـول ـ، عـن أبان بن أبی عیّاش ـ وهو متروك ـ، عـن الحسن، عن النبیّ صلی الله علیه وآله وسلم؛ وهو منقطع.

قال: والاَحادیث فی التنصیص علی خروج المهدی أصحّ ألبتّة [22] .

فانكشف ووهی ـ كما قال الذهبیّ فی المیزان [23] بعد حكایته هذه العلّة عن البیهقیّ ـ.

قلت:

وفی إسـناده أبـان بـن أبی عیّاش، وهـو ضـعیف متروك لا یحتجّ به ـ كما بترجمته فی تهذیب التهذیب [24] .



[ صفحه 10]



قال الفلاّس وابن سعد: متروك الحدیث.

وقال البخاریّ: كان شعبة سیّیَ الرأی فیه.

وقال أحمد بن حنبل: متروك الحدیث، ترك الناس حدیثه منذ دهر.

وقال أیضاً: لا یُكتب عنه، قیل: كان له هویً؟ قال: كان منكر الحدیث.

وكذا قال وكیع.

وقال ابن معین: لیس حدیثه بشیءٍ؛ وقال مرّة: ضعیف؛ وقال مرّة: متروك الحدیث.

وكذا قال النسائی والدارقطنی وأبو حاتم.

وقال النسائی أیضاً: لیس بثقة، ولا یكتب حدیثه.

وقال أبو عوانة: لا أستحلّ أن أروی عنه شیئاً.

وقال ابن حبّان: لعلّه حدّث عن أنس بأكثر من ألفٍ وخمسمائة حدیثٍ، ما لكثیر شیءٍ منها أصل.

وقال شعبة: ردائی وخماری فـی المـساكین صـدقة إن لم یكن ابن أبی عیّاش یكذب فی الحدیث.

وقال أیضاً: لاََنْ یزنی الرجل خیر من أن یروی عن أبان.

وفی تلخیص المستدرك [25] : عن الحاكم قال: حدّثنی به ـ یعنی حدیث (لا مهدیّ إلاّ عیسی بن مریم) ـ عبـد الرحمن بن یزداد المزكّی ببخاری من أصله، ثنا عبـد الرحمن بن أحمد الرشدینی بمصر، ثنا المفضّل الجَنَدی، ثنا صامت بن معاذ، ثنا یحیی بن السكن، ثنا محمّـد بن خالد



[ صفحه 11]



الجَنَدی، فذكره.

قال الذهبی: یحیی بن السكن ضعّفه صالح جزرة وقال: لیس بقوی الحدیث [26] .

وكذا ضعّفه الدارقطنی [27] .

والله الموفّق والمستعان.



[ صفحه 12]




[1] سنن ابن ماجة 2 :1340 ـ 1341 ح 4039.

[2] المستدرك علي الصحيحين 4: 441 ح 8363.

[3] المستدرك علي الصحيحين 4: 442 ضمن ح 8363.

[4] مسند الشهاب 2: 68 ح 198.

[5] إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ـ المطبوع ضمن موسـوعة الاِمـام المهدي 7 عند أهل السُنّة 2: 376 ـ584.

[6] انظر: المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 19: 357 ح 835، المستدرك علي الصحيحين 4: 442.

[7] ورواه ابن السمعاني ـ كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 441 ـ بلفظ: «لا يزداد الاَُمراء إلاّ شدّة»، وهو تصحيف ظاهر.

[8] إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ـ المطبوع ضمن موسـوعة الاِمـام المهدي 7 عند أهل السُنّة 2: 376 ـ 584.

[9] إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ـ المطبوع ضمن موسـوعة الاِمـام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2: 378 ـ 586، فتح الوهّاب بتخريج أحاديث الشهاب 2: 109.

[10] ميزان الاعتدال 7: 317 ح 9917.

[11] تذكرة الحفّاظ 2: 527.

[12] تهذيب التهذيب 6: 278.

[13] سنن ابن ماجة 2: 1340 ـ 1341 ح 4039.

[14] سير أعلام النبلاء 12: 351.

[15] ذكـره في رسـائله الخمـس المسـمّاة: منظومة القطـر الشهدي في أوصاف المهـدي عليه السلام ـ المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السنة 2: 118 ـ 45.

[16] ميزان الاعتدال 3: 535.

[17] تقريب التهذيب 2: 157 رقم 6.

[18] البيان في أخبار صاحب الزمان: 28 ـ 29.

[19] البداية والنهاية 1:32.

[20] عون المعبود شرح سنن أبي داود 11: 362.

[21] المستدرك علي الصحيحين 4: 441.

[22] إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ـ المطبوع ضمن موسـوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2: 937 ـ: 578.

[23] ميزان الاعتدال 3: 535.

[24] تهذيب التهذيب 1: 65 ـ 67.

[25] تلخيص المستدرك 4: 441.

[26] ميزان الاعتدال 7: 183 رقم 9533.

[27] لسان الميزان 1: 29.